أوروبا الوسطى تريد تقنيات (إسرائيل) الأمنية والاستخبارية وتأمين الحدود والسايبر

الساعة 2518 سبتمبر 2018آخر تحديث :
أوروبا الوسطى تريد تقنيات (إسرائيل) الأمنية والاستخبارية وتأمين الحدود والسايبر
  • أوروبا الوسطى تريد خبرات (إسرائيل) ضد (الإرهاب) وتأمين الحدود وتحصين السايبر وتقنيات أمنية واستخبارية.
  • تستنفذ (إسرائيل) فوائد التحالف مع «أوروبا الوسطى» رغم توجهات عداء السامية بأوساط جماهيرها.
  • تتبني حكومات أوروبا الوسطى رواية إسرائيل للصراع مع الفلسطينيين ورؤية نتنياهو أن المشكلة تطرف الفلسطينيين.

ما وراء شراكة «إسرائيل» وأوروبا الوسطى

بقلم: صالح النعامي

بوتيرة عالية تتعاظم مظاهر الشراكة الإستراتيجية وعرى التحالف بين إسرائيل والكثير من الدول التي تشكل أوروبا الوسطى، ولا سيما: بولندا، هنغاريا، المجر، التشيك، سلوفاكيا، رومانيا، وصربيا، كرواتيا، وليتوانيا.

وقد أسهمت العديد من العوامل في دفع إسرائيل وهذه الدول لتعزيز أواصر التحالف بينها، تتمثل في رفض موجات الهجرة، والعداء لتركيا، على اعتبار أن بعض هذه الدول وقعت تحت الحكم العثماني، ولا سيما: هنغاريا، ورومانيا، وصربيا.

في الوقت ذاته، فإن اعتماد هذه الدول على مشتريات السلاح من إسرائيل والتعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية معها في مواجهة «الإرهاب» تعد من المسوغات الرئيسة التي دفعت الجانبين لتكريس الشراكة الإستراتيجية بينهما.

وتبدو حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب معنية بتوظيف التباين في المواقف بين دول أوروبا الوسطى والاتحاد الأوروبي في إضعاف «الاتحاد»، على اعتبار أن هذه التطور يخدم مصالحها بسبب مواقف «الاتحاد» غير المريحة لتل أبيب من القضية الفلسطينية.

إن استشراء «رهاب الأجانب وتعاظم التوجهات المعادية للديمقراطية» في دول أوروبا الوسطى تعد من العوامل التي أفضت إلى إيجاد بيئة للتقارب مع إسرائيل، حيث إن تل أبيب عمدت إلى استغلال هذه التوجهات في التقارب مع حكوماتها.

وقد طورت إسرائيل علاقاتها بشكل خاص مع دول مجموعة «فايسغارد»، التي تشكل النواة الصلبة لأوروبا الوسطى، والتي تضم: بولندا، التشيك، هنغاريا، سلوفاكيا، حيث إن قادة هذه الدول حرصوا على استضافة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع عقدوه في العاصمة المجرية «بودابست» في يونيو 2017.

نتنياهو الذي يدرك حجم تأثير «رهاب الأجانب» الذي تغذيه المخاوف من موجات الهجرة من الشرق الأوسط، استغل هذه المخاوف وخاطب قادة هذه الدول، مطالبا باتخاذ موقف من «التطرف الإسلامي» وموجات الهجرة، حيث قال: «على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت معنية بأن تزدهر وتنمو أو أن تذبل وتموت».

ويمثل توجه دول أوروبا الوسطى لتحدي الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في كل ما يتعلق بالسياسات المتعلقة بتنظيم الهجرة، فرصة كبيرة لإسرائيل، على اعتبار أن العلاقة المتوترة بين الجانبين تضعف الاتحاد، وتقلص من تأثيره، وهو ما ينسجم مع مصالح تل أبيب التي ترى في تدخله في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سلوكا سلبيا.

إن من أهم مظاهر التقارب بين تل أبيب هذه الدول تبني حكومات الأخيرة للرواية  الإسرائيلية من الصراع مع الفلسطينيين، وتقبل موقف نتنياهو الذي يرى أن المشكلة تكمن في تطرف الفلسطينيين وتوجههم لتبني مواقف أصولية متشددة.

وتعد المعطيات التي أصدرها «معهد أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي، والتي قدرت قيمة السلاح والعتاد والتقنيات التي اشترتها بولندا في العقد الأخير من شركة «إلبيت» و شركة «رفائيل، الدفاعات الجوية» الإسرائيليتين بمليار دولار.

في حين وقعت كرواتيا على عقد لشراء طائرات «إف 16» من إسرائيل بقيمة 500 مليون دولار، في حين اشترت ليثوانيا منظومات دفاع جوية بقيمة 100 مليون دولار من شركة «رفائيل».

دول أوروبا الوسطى معنية بالاستفادة من الخبرات التي راكمتها إسرائيل على مدى عقود في مجال مواجهة الإرهاب وتأمين الحدود، وتحصين الفضاء الإلكتروني وكل ما يتعلق بالتقنيات ذات الاستخدام الأمني والاستخباري.

وتصر إسرائيل على استنفاذ الطاقة الكامنة في التحالف مع «أوروبا الوسطى» على الرغم من التوجهات المعادية للسامية التي تعاظمت في أوساط جماهيرية في بعض دولها.

لا سيما في التشيك، حيث رددت مجموعات تشيكية شعارات معادية لليهود بسبب تزعم الملياردير اليهودي التشيكي جورج سورس حملة ضد تشريعات تحد من الهجرة وتمس بحقوق الإنسان عمد رئيس الحكومة فيكتور أوربان إلى سنها.

وبسبب العوائد الإستراتيجية للعلاقة مع بولندا، فإن حكومة نتنياهو عمدت إلى تسوية الخلاف مع وارسو في أعقاب إصدار البرلمان البولندي قانونا يجرم من يتهم الشعب البولندي بالمشاركة في إبادة اليهود إبان وعشية الحرب العالمية الثانية.

وتصر إسرائيل على اغلاق ملف الخلاف مع بولندا؛ لأنها ترى أن وارسو من خلال هذا القانون لا تتعمد الإساءة لليهود، بل تهدف إلى تحدي الاتحاد الأوروبي.

ومما يدلل على المفارقات التاريخية التي يعكسها التحول على طابع العلاقة بين تل أبيب وأوروبا الوسطى، حقيقة أنه عندما شهدت وارسو احتجاجات طلابية في شتاء 1968، سارعت الحكومة البولندية حينها لاعتبار هذا التطور مظهرا من مظاهر «تدخل الصهيونية العالمية».

وهناك مفارقة أخرى تتمثل في حقيقة أن دول أوروبا الوسطى حرصت على تسليح «أعداء» إسرائيل خلال الحرب الباردة، في حين أن إسرائيل تعمد إلى تسليح هذه الدول حاليا.

* د. صالح النعامي كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي

المصدر: صحيفة «السبيل» الأردنية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة