ما بعد الدولة وما قبلها

محرر الرأي22 أبريل 2019آخر تحديث :
ما بعد الدولة وما قبلها

ما بعد الدولة وما قبلها

  • حلم كيان قومي عربي موحد وقوي قد وُئد، ولم يعد الحديث يدور عمّا بعد الدولة القُطرية.
  • ولجنا فعلياً في حال ما قبل الدولة، بحيث باتت إعادة بناء الدول الوطنية المنهارة في العراق وسوريا وليبيا حلماً عزيزاً.
  • الاحتلال الأمريكي للعراق أدى لتفكيك الكيان العراقي وإدخاله دوامة صراع أهلي بين مكونات مذهبية وعرقية، ليعود إلى ما قبل الدولة

* * *
بقلم | حسن مدن

حتى عقدين من الزمن ليس أكثر، كان النظر إلى الدولة الوطنية العربية، أو القُطرية كما يطلق عليها في بعض الفكر القومي، على أنها مجرد مرحلة أو خطوة في اتجاه بناء الدولة القومية العربية الواحدة، أو على الأقل إقامة صيغ منها على طريق تحقيق الهدف القومي الأشمل والأبعد.

حين اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية في منتصف سبعينات القرن العشرين، التي يمكن وصفها بأول حرب أهلية بعد إعلان استقلالات البلدان العربية في نهاية الحرب العالمية الثانية، شاع مصطلح «اللبننة» كخطر يهدد مجتمعات عربية أخرى متعددة التكوينات الإثنية والطائفية؛ حيث جرى التحذير من تكرار السيناريو اللبناني فيها.

ما بعد الدولة وما قبلها

ولما أمكن احتواء حرب لبنان الأهلية وحصر نطاقها، ظهر مصطلح جديد هو «الصوملة»، نسبة إلى الصومال الذي شهد بدوره حرباً أهلية أدت إلى تفككه ككيان سيادي موحد.

رغم التحذيرات من «اللبننة» و«الصوملة»، ومخاطر أن تمتد عدواهما إلى بلدان أخرى، يمكن القول إن الدول الوطنية العربية بقيت لحين متماسكة، على الأقل في حدود ما يكشف عنه الظاهر، ولم يدرْ بخلد الكثيرين أن سيناريوهات أفظع وأشد تدميراً وخراباً تنتظر بلداناً عربية أخرى أكبر مساحة وأكثر تأثيراً من وجهة نظر الجيوبوليتيك؛ بحيث بدت «اللبننة» و«الصوملة» مجرد «بروفات» صغيرة لو قورنت بما حدث في بلدان أخرى.

لم يبدأ الأمر مع تداعيات المتغيرات الحاسمة التي حدثت في العام 2011، وإنما بالاحتلال الأمريكي في العراق الذي أدى إلى تفكيك الكيان العراقي، وإدخاله في دوامة صراع أهلي بين المكونات المذهبية والعرقية، ليعود فعلياً إلى ما قبل الدولة، محكوماً بميليشيات عسكرية، العديد منها يتلقى الدعم والتوجيه من الخارج.

محقون جداً أولئك الذين يعتبرون احتلال العراق مقدمة لما تلاه بعد سنوات قليلة في سوريا واليمن وليبيا وربما في غيرها أيضاً، في تطبيق فعلي لما انطوت عليه النظرية سيئة الذكر: «الفوضى الخلاّقة» لصاحبتها كوندليزا رايس، التي جسّدت استراتيجية المحافظين الجدد وقد أصبحوا في موقع القرار بالولايات المتحدة الأمريكية.

لقد عدنا، في نتيجة ذلك، إلى نقطة الصفر عملياً، فالحلم القومي المنشود، بإقامة كيان قومي عربي موحد وقوي، يجعل من العرب أمة قوية متماسكة شأن بقية الأمم، قد وُئد، ولم يعد الحديث يدور عمّا بعد الدولة القُطرية، وإنما ولجنا فعلياً، في مناطق عربية كثيرة، في حال ما قبل الدولة، بحيث باتت إعادة بناء الدول الوطنية المنهارة في بلدان كالعراق وسوريا وليبيا وغيرها حلماً عزيزاً.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر: الخليج – الشارقة

موضوعات تهمك:

لن تتعب هذه الأمة من محاولة النهوض

شهود زور في حفلة ذبح الشعوب

دور محور الاستبداد العربي في الإرهاب الأبيض

الانفصام في الحياة السياسية العربية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة