قبيلتا العوازم ومطير في الكويت وإذكاء الروابط العشائرية

محرر الرأي5 مايو 2019آخر تحديث :
قبيلتا العوازم ومطير في الكويت وإذكاء الروابط العشائرية

قبيلتا العوازم ومطير في الكويت وإذكاء الروابط العشائرية

  • بسبب قبول الدولة بسطوة الأعراف العشائرية والدينية على أحكام القانون، باتت العشائر كيانا موازيا للسلطة.
  • ازدواج الولاء بين الجماعة والدولة يجعل المنطقة تكرر نفسها تاريخيا وفق روابط بدائية وصولا لأدوار فاعلة في النزاعات السياسية.
  • الروابط العشائرية لا تزال الأقوى بين مجتمعات المناطق العشائرية ومثيلتها القبيلة الطائفية لا تزال أقوى بمناطق الجماعات والطوائف.

* * *

بقلم | وائل عصام

شيخ قبيلة العوازم في الكويت الذي أثارت تصريحاته أزمة جديدة بين العراق والكويت، بعدما تحدث عن قدوم «راقصات من البصرة» للكويت في عقود سابقة، كان يتحدث في مؤتمر قبلي خصص لجمع دية، لورثة كاتبة كويتية تدعى هداية السالم، قتلها أحد ضباط الشرطة المنتمين لقبيلة العوازم، قبل نحو 19 عاما.

الشيخ الكويتي عاد واعتذر عن كلامه الذي تسبب بالتهجم على قنصلية الكويت في البصرة، وإثارة نعرات عشائرية تتحسس من الطعن والتهجم على النساء. واللافت، أن ضابط الشرطة الكويتي، خالد نقا العازمي، قام بقتل الكاتبة الكويتية هداية السعيد، بسبب قضية مماثلة،

إذ اطلق العازمي ست رصاصات من مسدسه على الكاتبة والناشطة السياسية الكويتية هداية السعيد، بينما كانت تقود سيارتها في شارع دمشق في الكويت، وهي التي اشتهرت بدفاعها عن الحقوق السياسية للمرأة.

وأقر العازمي في محاكمته أنه قام بفعلته، ثأرا لشرف القبيلة، بعد ان كتبت السعيد مقالا في مجلة «المجالس»، تتحدث فيه عن أن الأسرة الحاكمة في الكويت، كانت تستجلب راقصات من (فريج العوازم) يقمن باداء رقصات مثيرة.

وفي الايام نفسها ، تمكنت قبيلة مطير، بفرعها الكويتي، من جمع ثلاثة ملايين دولار، اي مليون دينار كويتي، لإنقاذ ابنتهم شروق المطيري المسجونة منذ ثلاثة أعوام في السعودية، بتهمة قتل زوجها السعودي.

وذلك بين رواية تتحدث عن قتلها له عمدا، ورواية اخرى تقول إنها كانت تمازحه بسكين المطبخ، عندما قذفتها عليه ليقطع الفواكه فاستقرت في قلبه، وتسببت في إصابة الشريان بنزيف أدى لوفاته لاحقا، كان حكم الإعدام سينفذ بها في نهاية شهر مايو/أيار الحالي.

تظهر القبيلة هنا، كمؤسسة تناهز الدولة، تتجاوز الحدود بين القانوني والعشائري حينا، والحدود بين السعودية والكويت أحيانا أخرى، فالقبيلة هنا، وبسبب قبول الدولة بسطوة الأعراف العشائرية والدينية على أحكام القانون، باتت كيانا موازيا للسلطة.

فتكرس الانتماء لها بين أفرادها، بما يتجاوز وينافس الانتماء لأي كيان وطني أكبر، فلماذا سيشعر أي شخص بالانتماء لدولة لم ينقذه قانونها، ولم ينجه باقي ابناء وطنه من حبل مشنقتها، بينما وفرت له قبيلته كل هذا، بل إنها ربما قد تشجعه على انتهاك القانون، بما أن قبيلته جاهزة لإنقاذه.

الروابط العشائرية، لا تزال وبلا أدنى شك لمن يعرف بيئتها، لا تزال الأقوى تأثيرا بين المجتمعات في المناطق العشائرية، ومثيلتها القبيلة الطائفية، لا تزال الأقوى في مناطق الجماعات والطوائف.

وهذا الازدواج بالولاء بين الجماعة والدولة، أو رابطة المواطنة، يجعل هذه المنطقة تكرر نفسها تاريخيا، وفق روابط بدائية تتحكم في أغلب مجرى حياتهم، بدءا من مناطق سكناها، حتى زواج ابنائها، وصولا للعب الأدوار الفاعلة في النزاعات السياسية الماثلة في المشرق العربي.

ليس من السهل، أن تتمكن قبيلتان عربيتان، وإن كانتا في بلد ثري مثل الكويت، من جمع 36 مليون دولار في أيام قليلة، لإنقاذ أعضاء من تلك القبائل، في الوقت نفسه الذي لا يجد فيه ملايين العرب المشردين في العراق وسوريا وقبلها فلسطين، مثل هذه «الفزعة» من القبائل كي تجمع شتاتهم وتؤويهم.

ولا احتضنت تلك الدول الثرية في الخليج العربي، التي تعج بالقبائل العربية الأصيلة، أيا من اللاجئين السوريين أو العراقيين، الذين وللمفارقة، أصبحوا في حماية ورعاية دول غربية لا تمت لهم بالقرابة لا بالرابطة القبلية ولا الدينية.

* وائل عصام كاتب وصحفي فلسطيني
المصدر | القدس العربي

موضوعات تهمك:

التوازن التركي للخليج العربي.. المنظور المختلف

الانفصام في الحياة السياسية العربية

في أن محمد بن سلمان محق.. فهو ابن عصره!

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة