حقائق الواقع العربى الآن

أحمد عزت سليم22 مايو 2019آخر تحديث :
حقائق الواقع العربى الآن

حقائق الواقع العربى الآن

مع استمرارية الهيمنة الثقافية الأجنبية على وسائلنا الإعلامية ومحتواها، والتبادل الثقافى غيرالمتكافىْ حيث أن الثقافة أصبحت مجرد سلعة ينطبق عليها من الأحكام ما ينطبق على سواها من السلع المادية وأن مجال المنافسة فى تسويق هذه السلعة بات ضيقا للغاية ولايتسع إلا للقوى التى تمتلك قدرة أدواتية ثقافية أكبر، والغرب هو الذى يمتلك ذلك الآن ومعها الأنظمة التابعة والعميلة والمجندة لخدمة سياساته وتسويق وترويج أفكاره فى بلدانها ويفند ناصر سليمان  السابعى أهداف عولمة الثقافة المتمثلة فيما يلي: خدمة السيادة المركزية، والمهنية العالمية، وتوطيد معاني العولمة الاقتصادية والسياسية، ونقل الحضارة العالمية إلى الشعوب الدنيا.توحيد الثقافة العالمية، وصهرها في ثقافة واحدة، وإلغاء التعددية الثقافية وحق التنوع الثقافي. نزع الخصوصية الفردية ومحو الهوية الذاتية.

ولذلك نرى أن أنصار العولمة لا يعترفون بالهوية الشخصية سواء هوية الفرد الواحد أو المجتمع الواحد أو الدولة الواحدة،ويستهدفون تحطيم كل الثوابت الدينية والفكرية والأخلاقية للوصول إلى بناء إنسان هامشي يذوب في بحر المادية، وما صاحب ذلك من فيض النظام الاقتصادى والتقنى عن حدود الأمة السياسية ونظام الدولة الوطنية والقومية وعلى الحقيقة الجارية لاتنطبق هذه الأهداف إلا على الدول المستهدف استعمارها وغزوها فكريا واقتصاديا وجغرافيا وفيما يحقق مسميات الليبرالية الاستعمارية، فالفرد الغربى أصولى لا يزال محافظا على وحدة عنصره وهويته وثوابته العقائدية  وقد استتبع استهداف هذه السياسات الاستعمارية بواقعنا العربى  نتائج من أهمها:

1-1 تغريب المواطن عن مجتمعه بدلا من تسهيل مشاركته فى أمورهذا المجتمع .

1-2 ثقافة الاختراق ونتائجها من حصول ازدواجية وانشطار داخل الهوية الثقافية العربية وانشطار بين الأصالة والمعاصرة والانحلال الثقافى والتلاشى الثقافى والتلوث الثقافى وحدوث على نحو ما يعتقد البعض حالة من الانهيار نتيجة تلك الضغوط الثقافية والقيمية الكثيفة من الخارج  .

1-2-1 وماكان يمكن أن يحدث هذا لولا تدعيم وسائل الإعلام فى هذه الأنظمة التابعة والعميلة منها.

وعلى الرغم من كل ذلك فإن حقائق الغزو أمدت الثقافة الوطنية بروح المقاومة وبقوة دافعية تجاه ما رأته من جرائم ضد البشرية ارتكبتها جيوش تلك الثقافة الأمريكية والغربية وما سببته للإنسان فى هذه البلدان الواقعة تحت رايات جيوش العولمة الغازية، وكما يقول المفكر محمد عابد الحابرى: أن الثقافات تسعى بصورة عفوية أو بتدخل إرادى من أهلها للحفاظ على كيانها ومقوماتها الخاصة.

1-3 إن ثمار زيادة الإنتاجية فى ثورة التقنية المعاصرة تقاسمها عدد ضئيل من الأفراد يتمثل تحديدا فى رجال الإدارة العليا وحملة الأسهم وعمال المعرفة وفى ظل سيادة الاتجاه إلى السوق الخارجى بديلا عن السوق المحلى العاجز ومع سيطرة أنظمة حاكمة مستبدة على الأوضاع العربية وقوية فى مواجهة شعوبها ، رافعة راية التبعية للغرب وتتبنى سياسات رأسمالية لاتتماشى مع أوضاع بلدانها مع تقليص دور الدولة بناء على تعليمات غربية لصالح الاستثمارت والامتيازات الأجنبية واختفاء دورها لصالح الشركات المتعددة الجنسيات وإحلال السوق محل الدولة ، مع عدم تبنى منظومة وطنية حقيقية للتقدم التقنى على المستوى القومى ، أو ملاحقة هذا التقدم وهذا الفيض التقنى والاعتمادعلى التعاقد على تسليم المشاريع المكتملة التجهيز ( TURN – KEY ) من دون نقل التقانة  وقد أفرز ذلك نتيجتين هامتين هما:

1-3-1 استقطاب شديد فى الثراء والفقر ترتب عليه انقسام العالم والمجتمع إلى أغنياء يملكون ويعرفون ويتحكمون فى مسارالتقانة وجنى أرباحها، وفقراء لا يملكون ولايعرفون ونتج عن ذلك زيادة أعداد المهمشين والمتعطلين وسقوط الطبقة المتوسطة إلى الحضيض وتعاظم الفوارق الطبقية اجتماعيا وثقافيا . يقول عبد الهادي بوطالب “وإذا عرفنا أن أكثر من خمس سكان العالم أميون أي لا يحسنون القراءة والكتابة وأن الأغلبية الساحقة من سكان العالم أميون حضاريون أي لا يعلمون شيئا عن تطورات الحضارة التكنولوجية والمعلوماتية، إما لأنهم لا يستعملونها بالمرة، وإما لأنهم يكتفون باستعمالها في الحدود الدنيا، علمنا أن عولمة العالم في مجال الإعلام لا يستفيد منها إلا القادرون على اكتسابها أي أقلية نادرة بين البشر وهو ما لا يزعج العولمة التي تقوم على حرية التنافس وتمكن الأفضل والأقوى من ربح رهانها، ومما دفع بعضهم إلى أن يطلق عليها اسم الداروينية الاجتماعية”.

1-3-2 حدوث فجوة رقمية كبيرة بين العالم الغربى الاستعمارى المتقدم وبين العالم العربى وبالتالى بين من يحكمون ويملكون وبين المحكومين المعدمين وزيادة حجم التخلف فى هذه المجتمعات ، وفى ظل عدم إعطاء أهمية حقيقية للبحث العلمى إلا للتشدق الشكلانى به فى وسائل الإعلام أمام المواطنين.

1-4 زيادة القيمة الاستعمالية للمنتج الإلكترونى واتساعها بسبب التوجهات الكبرى التى أحدثها التقدم فى مجال التكنولوجيا الإلكترونية والذى تمثل فى:

ـ الانتقال من الصوتى إلى الرقمى.

ـ  الاتجاه نحو الرخيص دوما.

ـ التطور إلى السعة الفائقة لنقل البيانات .

ـ التحول من الثابت إلى المحمول .

ـ التحول من شفرة لغوية واحدة إلى الشفرات المتعددة للغات .

ـ  التحول من الأحادى الاتجاه إلى ثنائى الاتجاه.

ـ التحول إلى الوسائط المتعددة.

ـ التطور إلى السيطرة والتحكم عن بعد.

ـ التطور إلى التكيف مع الإنسان لمزيد من الاستخدام الأكثر سهولة ومحاكاة قدرات البشر.

ـ والتطور من عصر البيانات إلى عصر المعلومات ومنه إلى عصر المعارف ومنه إلى عصرتوليد المعارف وتوظيفها   Big Data.

ـ التحول إلى النظام المعرفى الشبكى.

ـ التوحد مع ثورة الاتصالات.

1-5 وعلى الرغم من أن ذلك قد أدى إلى إيجاد بيئة جديدة يمكن أن يزدهرفيها النشاط الإنسانى ذاته هى البيئة الرقمية، إلا أن الواقع العربى يكشف أن الاستفادة فى الوقت الراهن من هذه البيئة الجديدة  لكل الحقائق السابقة لم يؤد بشكل فعال وحاسم إلى:

تحسين الأداء الاقتصادى – زيادة إجمالى الناتج القومى – خفض التبعية التقانية وكسر الاحتكار التقانى – زيادة التوظيف ورفع كفاءة العامل – المساعدة فى إيجاد سوق دولية للخدمات العربية للتقانة – زيادة حجم المشاركة الشعبية فى التنمية – إحداث ثورة فى النظام التعليمى لتجديد رصيد رأس المال البشرى بكفاءة أكبرمن أجل التنمية والتقدم – وقف نزيف هجرة العقول العربية إلى بلاد تستوعبها وذلك لعدم وجود منظومة تستوعب البحث العلمى وربطه مع حركة المجتمع التنموية التطورية – القضاء على الأمية – زيادة الإنفاق على التعليم والبحث العلمى مثلما ينفق على العسكرة ومهرجانات التتويج والكرة – تعظيم الاستفادة من المعلومات المهمة والجيدة المتاحة على الإنترنت ومن التقنيات الرقمية – أن تكون مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية إضافة لرصيد الوطن وليست خصما منه حيث تسلل التمويل الأجنبى المشبوه إلى كثير منها – إيجاد ديمقراطية حقيقية وتداول حقيقى للسلطة يعبرعن إرادة شعبية – نشر وإعلاء القيم المؤاتية للتنمية الشاملة فى الغرب مثل: الإتقان فى العمل والصدق والعقلانية والديمقراطية بدلا من نقل وتقديم وتبنى كل ماهو شائن فى النمط الغربى – إعلاء القيم العربية والتكامل العربى والقومية العربية فى مواجهة يهودية الدولة الصهيونية.

هذا هو الواقع العربى الحقيقى الذى يشكل حقيقة فاعليات الأمة العربية.. فماذا نحن فاعلون يا عرب؟!

موضوعات تهمك:

ماذا يحدث في الواقع العربي الآن؟

الخليج العربي.. هل تعود فوضى التاريخ؟

التجسس وآثاره القاتلة على دول الخليج العربية

ماذا بين إيران والسعودية؟!

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة