ثقافة الإقصاء في العالم العربي اسباب ومصادر وكيفية مواجهتها

أشرف السعدني22 أبريل 2019آخر تحديث :
 ثقافة الإقصاء في العالم العربي اسباب ومصادر وكيفية مواجهتها

المحتويات

 ثقافة الإقصاء في العالم العربي اسباب ومصادر وكيفية مواجهتها

حول ثقافة الاقصاء في العالم العربي، وانتشار «الذباب الإلكتروني» واللغة البذيئة تكشف عمق المشكلة التي نواجهها في عالمنا العربي وفي مواجهة الغرب.
كيف نواجه خطاب الكراهية ضدنا في الغرب بينما نظامنا العربي ينشر خطاب الكراهية بين الفئات والطوائف والجماعات؟

كيف نواجه الإسلاموفوبيا في الغرب مثلا بخطاب طائفي وعنصري لا يقل سوءا عن الإسلاموفوبيا نفسها؟

انتشار الكراهية على حساب التنوع والتعايش أحد وسائل السيطرة والتحكم في ظل أنظمة ترفض بشدة رعاية حياة سياسية ديمقراطية.

العربي الجديد يطلب الكرامة و الحرية ومساءلة الساسة والسياسيين لهذا سينتج ثقافة ديمقراطية تواجه ثقافة الاستبداد وتساعد بحثه عن المعنى الإنساني والديمقراطي
كان العرب أكثر انقساما مما اعتقدنا وأثر إسرائيل وحروبها والنفط والمال والثروة في إفساد أساليب الحكم ساهم بتغذية الاستبداد.

* * *

ثقافة الاقصاء وصراع الاجيال

إنتشر في زمني مع جيل الستينيات والسبعينيات القرن العشرين التفاؤل بخصوص مستقبل عالمنا العربي، ذلك الشعور الإيجابي بامكان تجديد العالم العربي فكرا وعملا وحقوقا وحريات.

كان ذلك أحد أهم المحركات الناتجة عن هزيمة 1967 التي هزت كل العرب. لكن جيلي سيكتشف عبر التجربة والتضحية مدى صعوبة تغير العالم العربي، فقد توطنت فيه سلوكيات خاطئة حول الفساد واسلوب الحكم وتعمقت في أبعاده عقد فكرية حول الحقوق والحريات ساهمت في منع تطوره وفرضت عليه التراجع والضعف السياسي.

فنحن العرب كنا أكثر انقساما مما اعتقد جيلي، كما أن أثر إسرائيل وحروبها وأثر النفط والمال والثروة على إفساد أساليب الحكم ساهم في تغذية الاستبداد. ذلك النظام العربي، الذي اعتقدنا انه قابل للنمو لم يسع منذ الاستقلال لرعاية التجديد إلا ضمن حدود!

النظام العربي

بل اكتفى النظام العربي في أحسن حالاته برعاية المظهر العمراني وبناء دولة ريعية يتلقى فيها المواطن الدعم والوظيفة على حساب الانتاج والمشاركة و الجوهر الإنساني. لقد جثم الواقع على صدورنا فأصبحنا كعرب ومنذ وجدنا في دول حديثة مستقلة عبئا على أنفسنا.

الفشل العربي

الفشل العربي في بناء انسان منتج و مشارك في ظل حقوق واضحة ثابتة لا تتأثر بأهواء السلطة غير المساءلة يفسر عمق الكراهية التي انتشرت بين الطوائف كالسنة والشيعة وبين أبناء الريف وأبناء المدينة أو أبناء الصحراء وأبناء الحواضر او بين الفئات الاجتماعية المختلفة.

انتشار الكراهية

فانتشار الكراهية في بلادنا على حساب التنوع والتعايش هو احد وسائل السيطرة والتحكم في ظل أنظمة ترفض بشدة رعاية حياة سياسية ديمقراطية.

عندما نتساءل عن منشأ «الذباب الإلكتروني» في دول عربية عدة واللغة البذيئة التي يستخدمها مع خصومه ومحيطه نعرف جيدا مدى عمق المشكلة التي نواجهها، وهذا يعطي فكرة عن طبيعة العقلية التي تحرك هذه اللغة.

إن الكراهية المنتشرة عربيا انعكاس لثقافة لم نكن نلمس وجودها في زمن القومية العربية أو في مرحلة مواجهة الاستعمار او حتى في المجتمع التقليدي القديم. تلك الكراهية نتاج واضح للدولة العربية الحديثة التي فشلت في مهامها كالتنمية والإنجاز كما وفشلت في بناء مجتمعات تميل للتآخي والقبول بالآخر والاجتهاد والعمل.

حب السلطة أنتج دولا تعزل النقاد والمعارضين والمخالفين السلميين عند كل منعطف، لكن لفعل ذلك كان لا بد من تدمير القواعد الاجتماعية المستقلة في المجتمع، لهذا شكلت الطائفية وخلق أعداء وهميين وسيلة النظام العربي للتحكم بالمجتمع.

ثقافة الخوف

إن ثقافة الخوف من الآخر ضمن المجتمع وبين فئاته أصبحت مع الوقت العنصر الأهم في بناء جدران السيطرة. وبما ان الخوف من الاعداء الوهميين ضمن الشعب وفي صفوفه أمر مفتعل، فقد أهمل النظام العربي برمته المقدرة على التعامل مع الأعداء الحقيقيين على الحدود. لقد فاجأتنا معظم الحروب.
هذا لا يعني أبدا ان الغرب لا يحمل ثقافات تنشر الكراهية، وهذا واضح في ظل انبعاث الافكار المعادية للمسلمين والأقليات والتنوع في الغرب، لكن ذلك يقع في الغرب وعلينا أن نواجهه في الغرب.

آليات مقاومة الكراهية

ويجب الانتباه دائما بأن آليات مقاومة الكراهية في الغرب متاحة للمجتمع بفضل قوانين ديمقراطية ومؤسسات تقوم بأدوارها وأفراد لديهم حقوق ثابتة. هذا الجانب ليس متاحا في البلدان العربية. لهذا يبرز عربيا السؤال التالي:
كيف نواجه خطاب الكراهية الموجه ضد المسلمين والعرب في الغرب بينما نظامنا العربي وقوى النفوذ في بلداننا العربية تنشر خطاب الكراهية بين كل فئة وجماعة وبين كل طائفة والاخرى؟
كيف نواجه الإسلاموفوبيا في الغرب مثلا بخطاب طائفي وعنصري لا يقل سوءا عن الإسلاموفوبيا نفسها؟
يكفي أن ننظر للحروب الأهلية المعلنة والمستترة في الساحة العربية ليتضح لنا مدى عمق هذه المشكلة.
لقد ابتعدت ثقافتنا الراهنة عن الأنسنة. بل اختارت ثقافة الحكم المطلق العربية القيم الثقافية التي تحث على القساوة وتبرر القمع، واختارت من التاريخ ما يجيز القساوة بما يتضمن أكثر العقوبات تطرفا. هكذا اختارت ثقافتنا الرسمية اسوأ ما تضمنه التاريخ لتبرير واقع سياسي ملؤه الاحتكار السياسي والمالي والدول غير المسائلة.
تاريخنا مليء بقيم التسامح وبقيم التعايش و بقيم أدبية وشعرية ودينية تحترم التنوع والاختلاف. لقد طمسنا ذلك التاريخ وأبعدناه عن حاضرنا.

لنفهم ثقافتنا الراهنة يجب ان نعي بأن الدولة غير المسائلة لن تنتج ثقافة ديمقراطية او ثقافة تسامح، بل بالعكس ستحتفي الدولة غير المسائلة بثقافة تمجد صانع القرار ان أصاب او أخطأ، وهي ثقافة ستقمع المختلف، وتمنع النقد مهما كان مفيدا. في تلك الثقافة ذات الطابع الرسمي وشبه الرسمي مروية واحدة للتاريخ وللحاضر.

الثقافة البديلة

الثقافة البديلة هي المطلوبة في هذه اللحظة التاريخية التي تحتوي على حراك عربي يطمح لإنتاج واقع سياسي وثقافي جديد. إن الحراكات السياسية والحقوقية وايضا الاجتماعية الجديدة في البلدان العربية سوف تخلق حراكا ثقافيا، ففي قلب الحراكات السياسية كما نشاهد في الجزائر والسودان ينبعث تجانس وطني لم نعهد مثله.
ففي ظل هذه الحراكات يتعرف الناس، من خلفيات وظروف اجتماعية مختلفة، على بعضهم البعض بينما يكتشفون بنفس الوقت التشابه العابر للخلفيات.
اليوم يكتشف السودانيون والجزائريون مدى تقارب أحلام الناس و طموحاتهم وانسانيتهم وفوق كل شيء حسهم العميق بالكرامة.
الحراك العربي يعد باكتشاف الناس لما يوحدهم عوضا عن ما يفرقهم. العربي الجديد يبحث عن الكرامة ويسعى نحو الحرية ويريد دورا واضحا في مساءلة الساسة والسياسيين، وهو لهذا سينتج ثقافة ديمقراطية جديدة يواجه بها ثقافة الاستبداد وتساعده بنفس الوقت في رحلة البحث عن المعنى الإنساني والديمقراطي.

* رؤية د. شفيق ناظم الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

وللمحرر رؤية

عندما نقف علي عوارات النظم الحاكمة في عالمنا العربي، نجد ان الشباب العربي الجديد يبحث عن ذاته ويطمح في الكرامة ويسعى نحو الحرية، ويبحث عن دورا واضحا في مساءلة الانظمة الحاكمة من الساسة والسياسيين، وعند تحقق ذلك  سيخلق ثقافة ديمقراطية برؤية اكثر وضوحا يتمكن من خلالها مواجة ثقافة العنصرية الطبقية والاستبداد السلطوي و تساعده بنفس الوقت في رحلة البحث عن المعنى الإنساني والديمقراطي، لخلق مجتمع عربي بلا عنصرية ويكون اكثر تماسكا ليتمكن العربي الجديد من تحقيق احلاما كانت في الماضي تكبتها الطبقة السلطوية البغيضة، وتنتج نموذجا يتجانس مع الاخر من دون عنصرية، يتمكن من خلالها ازاحة فكر الاسلام فوبيا.

تابع المزيد

اسباب عدم حصول نوال السعداوي على جائزة نوبل؟

الهستريا الطائفية والاشتراكية

تعريف الطائفية والزعماء الطائفيين

.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة