انسحابات ترمب وأثرها على الخليج

محمود زين الدين30 ديسمبر 2018آخر تحديث :
انسحابات ترمب وأثرها على الخليج

انسحابات ترمب وأثرها على الخليج

  • ماذا أعددنا في الخليج لمرحلة الانسحاب من القواعد بعد اكتمال ‏الانسحاب من الصراعات؟!
  • انسحاب ترمب من أفغانستان وسوريا و‏سحب بطاريات «الباتريوت» من الخليج يظهر أن مبدأ «إذا احتجتني اطلبني» ستكون قاعدةعالمية.

بقلم: ظافر محمد العجمي

لا شك أن الرئيس دونالد ترمب ‎قادر على إرباك خصومه، وجعلهم يتفاعلون بشكل ارتجالي، فقد أعلن عن عقيدته أو “مبدأ ترمب” أسوة ‏ببقية الرؤساء، بمبادئهم الإرشادية أو الملزمة ‎كمبدأ أيزنهاور، ومبدأ نيكسون ‏ومبدأ كارتر، وملخصه: «إذا احتجتني اطلبني»!

والاختلاف الحاد عنها أنه ‏يظهر‎ ‎عزوف ترمب عن مبادئ السياسة الخارجية الأميركية طوال قرن، محيّراً ‏المراقبين إن كان ما يطرحه رؤية أم ارتجالاً، فقد بدأ بانسحاباته العجولة من ‏مواقع عسكرية مثل سوريا وأفغانستان، بل وسبقها سحب «الباتريوت» من الخليج،.

لقد أقام الاستراتيجي القابع مستتراً في هيئة رجل أعمال اسمه ترمب، أقام مبدأ “الأمن عند ‏الطلب‏” حيث يمكنكم طلب «البيتزا» أو دجاج «‏كنتاكي» إذا شعرتم بالجوع، وسوف نفرض شروطاً لصالح واشنطن تدفعونها ‏صاغرين، لكنني لن أفتتح مطبخاً في بيتكم، وستعرفون قيمة ما نقدم إذا لم تروه إلا ‏بعد مكابدة عناء التوصيل.‏

لم تحيّر الانسحابات العجولة حليفاً حكومياً في جبال أفغانستان، أو كردياً بشمال ‏سوريا، أو عربياً على ضفاف الخليج فحسب، بل أثارت جزع أجنحة مؤسسة صنع القرار ‏الأميركية، الأمنية والاستخباراتية والعسكرية.

وكأن ترمب قد تحرّر من قيوده ‏الداخلية والخارجية، ففي الداخل هناك شعور بالخيانة، مما شرّع الأبواب أمام ‏تخرصات منها إمكانية أن يعيد ترمب النظر فيما قرره من انسحابات، أو على الأقل عدم ‏الاستعجال في تنفيذها، وفي الخارج نظرة شك في هذه التحركات، وتفسيرها على أنها إعادة انتشار وخلق جبهات جديدة.‏

لقد آمنّا طويلاً أنه ليس من المستحسن أن يشارك المشرّعون في اتخاذ ‏قرارات ‏استراتيجية لميلهم المصلحي لشعبية القرارات‎، لكن رجل الأعمال المسمى ترمب -القابع مستتراً في هيئة رئيس أقوى دولة في العالم- أخذ في خفض تكاليف ‏الميزانية الأميركية في الخارج ليعززها في الداخل.

فقد سبق ذلك ضرائب على ‏الواردات من الصلب والألمنيوم، مع استخدام التعرفة الجمركية كسلاح، ثم نجاحه ‏في الحرب التجارية مع الصين، عبر إهانة بكين باعتقال مديرة «هواوي» -عملاق تكنولوجيا ‏الاتصالات- وتقديم الصين تنازلات مذلّة كخفضها الضرائب على السيارات ‏الأميركية من %40 إلى 15 % فقط، بذريعة نزع فتيل الأزمة لتجاوز ركود ‏اقتصادها.‏‏

إن انسحاب ترمب العجول من ساحات القتال في أفغانستان وسوريا، وقبلها ‏سحب بطاريات «الباتريوت» من الخليج، مؤشر على أن الانسحابات المقبلة بناء ‏على عقيدة ترمب «إذا احتجتني اطلبني» ستكون من القواعد الأميركية حول ‏العالم.

فماذا أعددنا في الخليج لمرحلة الانسحاب من القواعد بعد اكتمال ‏الانسحاب من الصراعات؟!

* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج

 

المصدر: العرب – الدوحة

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة