الحسم في اليمن متعذّر.. بالتفاوض أو بالحرب!

الساعة 2511 سبتمبر 2018آخر تحديث :
أعلنت قوات الجيش الوطني اليمني
  • بالنسبة للحوثيين: لا مشاورات دون تنازلات كرفع القيود عن مطار صنعاء أو التزام الحكومة الشرعية بدفع رواتب الموظفين..
  • موقف حليف الحوثيين الإيراني يميل حاليا للتشدّد لأنه يتعرض لضغوط أميركية أو يعارض أية تسوية لا يكون شريكاً فيها.

 

بقلم: عبد الوهاب بدرخان

من الواضح أن الحل السياسي في اليمن لم ينضج. الأكثر وضوحاً أن صعوبات جمّة حالت وستحول دون وضعه على سكّة النضوج.

الأسباب كثيرة، تبدأ بطبيعة البلد، وأنماط الصراعات المسلحة، التي شهدها في مراحل عدّة من تاريخه الحديث، وتعكس طبائع سكانه وقبائلهم وتقلّبات الحكم التي أفسدت علاقتهم بالدولة عموماً.

كما أنها تشمل كل ملابسات الأزمة الأخيرة التي اتخذت شكل تناحر بين الشرعية والانقلاب عليها، وما لبثت أن تحوّلت إلى صراع إقليمي اختلطت فيه حروب مباشرة بحروب بالوكالة، وتسوده تدخّلات دولية متعدّدة الأهداف والمصالح.

وفيما مرّ هذا الصراع بفترات جعلته منسيّاً فإن السمة التي لازمته صعوبة حسمه عسكرياً، وبالتالي سياسياً، أي أنه يمكن أن يطول.

في ضوء ذلك تبدو محاولات جمع الأطراف وإدارة حوار في ما بينها نوعاً من ملء الوقت لا أكثر. يُستفاد من جولتَي «مشاورات» سابقتين في سويسرا عام 2015 ومن جولة ثالثة في الكويت عام 2016 أن الأمر الواقع الذي نشأ على الأرض، تحديداً في صنعاء، كان ولا يزال أقوى من كل الضغوط.

خصوصاً أن صانعيه تموضعوا خارج كل سياسة وقوانين دولية، لذا صعبت وتصعب ممارسة التأثير فيه، سواء بالعقوبات أو حتى بالمحاصرة والحرب.

كما دلّت تجارب التشاور على أن الأمم المتحدة نفسها اضطرّت، برغبة غير مكتوبة من الدول الكبرى، إلى الابتعاد بمقدار مهم عن مضمون القرارات الدولية وبنودها لتتعامل مع الأمر الواقع، وتستنبط حلولاً قابلة للالتزام والتنفيذ، وكلّما أخفقت كلّما اضطرّت إلى التراجع عمّا يسمّى «مرجعيات التفاوض».

إعادة الدولة اليمنية إلى الوجود هو الهدف المعلن لأي «تشاور» يُفترض أن يتحوّل إلى «تفاوض» بين الحكومة الشرعية والانقلابيين الممثلين سابقاً بجماعة الحوثيين وحليفهم حزب «المؤتمر» الذي كان يتزعّمه علي عبدالله صالح، قبل أن يغتالوه ويفرضوا على بعض أنصاره الاستمرار في تحالف لم يعد فيه أي نوع من التكافؤ.

لم يصطنع الفريق الانقلابي أي غموض، بل تصرّف دائماً باعتباره غير معترف بتلك الحكومة أو بشرعيتها، مثلما أنها لا تعترف له بأي شرعية.

ولذلك لم يكن متوقّعاً أن يتفق الطرفان على أية اجراءات من شأنها أن تلغي أحدهما -بالأحرى الانقلابيين- لمصلحة «الدولة» والمؤسسات، واقعياً ظلّت موازين القوى على الأرض الهاجس الدائم لكليهما.

في جولتَي 2015 كانت موازين القوى تشجّع الحوثيين على التشدّد وعدم التفكير في تنازلات. وبعدما راحت رقعة سيطرتهم تتقلّص ببطء حاولوا في جولة 2016 المساومة على تقاسم الحكومة وتفاصيل الإجراءات الأمنية والعسكرية.

أما الجولة الأخيرة شبه المُجهَضَة قبل انطلاقها في جنيف، فالمؤكّد أن العائق اللوجيستي (عدم الترخيص لطائرة عُمانية لنقل الوفد) ليس سوى تغطية للدافع السياسي الذي حُسم في اللحظة الأخيرة:

لا مشاورات من دون تنازلات مسبقة، منها مثلاً رفع القيود عن مطار صنعاء، أو التزام الحكومة الشرعية بدفع رواتب الموظفين..

وفي مرّات سابقة لم تُستجب مطالبة الحوثيين بـ«وقف العدوان على اليمن»، أو على الأقل وقف الغارات الجوية كمقدمة للتفاوض.

قد يُعزى إحجام الحوثيين عن الحضور لأسباب كثيرة منها وضعهم الميداني، واختلال تحالفهم الداخلي، وعدم تمكّنهم من انتزاع تنازل مسبق.

إلا أن الأهم هو موقف حليفهم الإيراني، فهو يميل في هذه المرحلة إلى التشدّد، سواء لأنه يتعرض لضغوط أميركية، أو لأنه يعارض أية تسوية لا يكون شريكاً فيها.

  • عبد الوهاب بدرخان كاتب وصحفي لبناني

المصدر: صحيفة «العرب» القطرية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة