إبقاء التهديد قائمًا

محرر الرأي3 مايو 2019آخر تحديث :
إبقاء التهديد قائمًا

إبقاء التهديد قائمًا

  • ما الذي أوصل المنطقة العربية إلى هذه الحالة من التفتت والانهيار؟
  • حرب اليمن وحصار قطر وأزمة سوريا صدرت عن الداخل الخليجي ممثلا في الإمارات والسعودية.
  • تنبع أزمات الخليج من الداخل وتحولت دول كثيرة بالمنظومة الخليجية إلى مصدر تهديد حقيقي للجوار المباشر.
  • أخطر تهديد للمنطقة سعي القوى الدولية إلى إبقاء التهديد قائماً لأنه رافعة “صفقة القرن” الأساسية وشرط صفقات التسلح الضخمة.
  • لن تستقر المنطقة العربية إلا جماعيا ولن تخرج دولها من المصيدة إلا بتجاوز خلافات هي مدخل الاستعمار العائد إلى المنطقة بالسلاح.

* * *

بقلم | محمد هنيد

تعيش المنطقة اليوم تحت كل أنواع الضغوط والتهديدات فلا توجد دولة واحدة لا تشعر بتهديد داخلي أو إقليمي أو دولي.. فكل الكيانات العربية هي الآن كيانات هشة غير ثابتة. فحتى الكيانات الثابتة ورغم قلّتها فإنها ليست في مأمن من مؤامرات الجوار المباشر أو غير المباشر. فما الذي أوصل المنطقة العربية إلى هذه الحالة من التفتت والانهيار؟
هذه الحالة ليست جديدة بل تعود إلى منتصف القرن الماضي حيث كان التهديد يستهدف حواضر بعينها مثل فلسطين في منتصف القرن التاسع عشر والعراق حوالي نصف قرن بعدها.
أي أن التهديد كان تهديدا خارجيا دوليا أساسا ثم إنه كان تهديدا يخص منطقة بعينها دون غيرها. أما اليوم فإن الظاهرة تكاد تشمل الوطن العربي برمته من المشرق إلى المغرب بعد أن سقطت حواضر كثيرة في العنف والفوضى.
في مرحلة ثانية لم يعد التهديد خارجيا كما كان سابقا بل صار تهديدا داخليا بشكل أساسي. حيث تنبع الأزمات في منطقة الخليج مثلا من الداخل وتحولت دول كثيرة داخل المنظومة الخليجية إلى مصدر تهديد حقيقي للجوار المباشر فحرب اليمن وحصار قطر وأزمة ليبيا كلها صدرت عن الداخل الخليجي ممثلا أساسا في الإمارات والسعودية.
لكن من جهة أخرى فإن هذه الدول الخالقة للأزمات والفوضى في المنطقة وجوارها الإقليمي واقعة تحت تهديد من نوع آخر.
فليس الابتزاز الذي تتعرض له السعودية على لسان ترامب في كل خطاباته إلا جزءاً من هذا التهديد الذي يتضمن أمرا مباشرا بالدفع وإلا فإن الولايات المتحدة سترفع يدها عن حماية النظام.
وهي كذلك واقعة تحت تهديد الانفجار الداخلي بسبب عدوى الثورات العربية التي لم تتوقف بعد.
بناء على ما تقدم فإن أخطر ما يهدد المنطقة اليوم هو سعي القوى الدولية بما هي الرابح الأكبر من اقتتال الإخوة إلى إبقاء التهديد قائماً لأنه الرافعة الأساسية لصفقة القرن من جهة أولى ولأنه الشرط الوحيد لصفقات التسليح الضخمة في المنطقة من جهة ثانية.
لم تدرك أغلب الدول العربية وخاصة منها الدول الكبرى أن الفتن والمؤامرات والانقلابات التي تدعمها في جوارها المباشر ستعود عليها بالوبال يوما ما. فبعد أن تنتهي أسباب التهديد وتنضب الثروة سوف تتحول القوى الحامية إلى قوات احتلال مباشر.
بناء عليه لن يكون استقرار المنطقة العربية إلا جماعيا ولن تستطيع الدول العربية الخروج من هذه المصيدة إلا إذا تجاوزت خلافاتها التي هي في حقيقتها مدخل الاستعمار العائد إلى المنطقة بقوة السلاح.

* د. محمد هنيد أكاديمي تونسي، أستاذ السياسية بجامعة السوربون، باريس.
المصدر | الوطن – الدوحة

موضوعات تهمك:

ماذا تخفي سخرية ترامب من الملك سلمان؟

مخطط إسقاط المنطقة العربية

مشهد السلطوية العربية.. رتوش جزائرية وسودانية مغايرة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة