أبعاد مصر الأربعة: آسيوي وإفريقي ونيلي ومتوسطي!

الساعة 2518 سبتمبر 2018آخر تحديث :
أبعاد مصر الأربعة: آسيوي وإفريقي ونيلي ومتوسطي!
  • أربعة أبعاد لمصر هي: البعد الآسيوي، البعد الإفريقي، البعد النيلي، البعد المتوسطي.
  • أبعاد مصر في آسيا وإفريقيا أكثر أهمية دون أن يُقلل ذلك من بعدها المتوسطي.
  • البعد النيلي أصيل وجوهري لم ينقطع بل ازداد عمقاً بمرور العصور، ويغلب عليه الطابع الحضاري والسياسي
  • هل القول بالوحدة العربية يشطر الوحدة الإفريقية والقول بالوحدة الإفريقية يشطر الوحدة العربية؟!

 

أبعاد مصر الأربعة

بقلم: حسن مدن

في كتابه: «شخصية مصر – دراسة في عبقرية المكان»، تحدث الراحل جمال حمدان عن أربعة أبعاد لمصر، هي كالتالي: البعد الآسيوي، البعد الإفريقي، البعد النيلي، البعد المتوسطي.

وإذا كان البعدان الأوّلان يلعبان دورهما في تحديد وجهة مصر على الصعيد القاري، فإن البعدين الآخرين يُحددان وجهتها على المستوى الإقليمي، ويلاحظ حمدان أن هذه الأبعاد الأربعة تتداخل في بعضها البعض كما هي الحال بالنسبة للبعدين الإفريقي والنيلي.

رغم هذا التعدد في أبعاد مصر، فإنها جميعها تتداخل مع الإطار العربي الكبير.

بيد أن الإطار العربي، كما يقول حمدان، ليس «مجرد بعد توجيهي أو إشعاعي، لكنه خامة الجسم وكيان جوهر في ذاته»، وفيما عدا هذا فإن كل بعد من الأبعاد الأربعة يجذب مصر في اتجاهه، ويُكوّن أو يُلوّن شخصيتها بدرجات تتفاوت بين عصر وآخر.

على مستوى البعدين القاريين، فإنه كان للبعد الآسيوي الثقل الأكبر، وبتعبير حمدان نفسه «فرغم أن مصر في إفريقيا موقعاً، لكنها كانت دائماً في آسيا وقعاً».

ويرى الكاتب أمراً دالاً في حقيقة أن النيل في مصر لا يجري في منتصف الصحراء ولكنه يجنح بتحيز واضح نحو الشرق، ولو كان النيل يجري غرباً أكثر لتغيرت اتجاهات التاريخ، على الأقل في بعض جزئياتها.

فيما يتصل بالبعد الإفريقي للكيان المصري، فإنه يتفق في معظمه مع المجال العربي، وهذا يطرح، من وجهة النظر السياسية جدلاً حول الموقع العائد لمصر بين عروبتها وإفريقيّتها.

يفنّد جمال حمدان النظريات التي يرجعها إلى الاستعمار، التي تزعم بأن القول بالوحدة العربية يشطر الوحدة الإفريقية، وأن القول بالوحدة الإفريقية يشطر الوحدة العربية.

هذه برأيه نظرية مزيفة، لأن المقصود بالوحدة الإفريقية هو وحدة عمل وتضامن في المجال الدولي على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والحضارية.

أما الوحدة العربية فوحدة كيان ومصير، أي أن الوحدتين من مستوى مختلف، وهو اختلاف في النوع لا الدرجة، ومن ثم لا تعارض بينهما.

البعد النيلي لمصر أصيل وجوهري لم يعرف الانقطاع، بل لعله زاد عمقاً مع مر العصور، ويغلب عليه الطابع الحضاري والسياسي أساساً.

لكن من الوجهة الطبيعية فإن البعد النيلي أساس الوجود المصري كله، وهذا ما يمنحه أهمية سياسية ذات أبعاد أمنية لا يمكن تجاهلها أو التفريط فيها.

في البعد المتوسطي يُشبه جمال حمدان مصر بفرنسا. فالبلدان لهما علاقة بالبحر ولكنها ليست العلاقة الوحيدة في كيانهما.

فمصر مثل فرنسا دولة بحرية، وكما لفرنسا قاعدتها الأرضية الواسعة خارج حوض البحر المتوسط ولها أبعادها في غرب أوروبا ومشارف وسطها، فإن لمصر أبعاداً أكثر أهمية في آسيا وإفريقيا، دون أن يُقلل ذلك من البعد المتوسطي لها، خاصة من وجهة النظر الحضارية والاقتصادية.

  • د. حسن مدن كاتب صحفي بحريني.

المصدر: صحيفة «الخليج» الإماراتية

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة